
عاشت «المصرى اليوم»، مساء السبت، 16 ساعة مع فريق نيابة حوادث جنوب الجيزة، برئاسة المستشار أسامة حنفى، أثناء إجراء محاكاة لحادث تصادم قطار دهشور بسيارتى نقل ومينى باص، والذى أسفر عن سقوط 27 قتيلاً وإصابة 36 آخرين، وذلك بعد أن استمعت النيابة إلى أقوال مدير إدارة الاتصالات بالهيئة العامة للسكك الحديدية، وخبير هندسى بذات الهيئة، كما واصلت سماع أقوال مراقب البرج للمرة الثانية، وذلك داخل سراى النيابة.
وبعد 6 ساعات من سماع الأقوال، قررت النيابة الانتقال إلى مقر مزلقان دهشور 25، لإجراء محاكاة تصويرية، بالتزامن مع توقيت وقوع الحادث، الذى تم فى الحادية عشرة مساء يوم الإثنين الماضى.
وأفادت التحقيقات التى أشرف عليها المستشار ياسر التلاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، بأن الهدف من إجراء المحاكاة تتبع الأحداث التى شهدها الحادث بقطار وجرار مماثل على نفس السرعة التى كان يسير بها، على أن يسير القطار قبل عدة كيلو مترات من موضع الحادث، ثم المرور بالمزلقان، مع شرح شهود الواقعة وضع السيارة النقل والمينى باص على القضبان، وكيفية وقوع الحادث.
وبدأت النيابة بسماع أقوال ملاك حنا، مراقب البرج، بالكيلو 12، وقال: أبلغت وزميلى «إيهاب» خفيرى المزلقان 3 مرات بالإشارات الضوئية والصوتية بتحرك القطار، رغم أننى غير مسؤول عن ذلك، وفقًا لتعليمات الهيئة القومية للسكك الحديدية، إلا أن عاملى المزلقان لم يتخذا التدابير اللازمة لتأمين مرور القطار، مما تسبب فى وقوع الحادث، كما أننا أخطرنا ناظر المحطة، ويدعى أحمد عزب، بتحرك قطار البضائع رقم 2471 فى الاتجاه القادم من القاهرة- الفيوم، حيث كان محملاً بشحنات الطوب والحجارة، وذلك بعد أن فقدنا الاتصالات بعاملى المزلقان، كما أن طبيعة عملى تقتصر على الإبلاغ بالإشارات لعاملى المزلقان دون إخطار أحد غيرهما، وثبت فى دفتر الإشارات أنهما تلقيا الاتصالات لإبلاغهما.
وقال أحمد عبدالعال، مدير إدارة الاتصالات بالهيئة القومية للسكك الحديدية، أمام النيابة، إن الاتصال بين عاملى المزلقان ومراقبى الأبراج يتم لاسلكيًا، وليست هناك وسيلة اتصال بديلة بينهما فى حالة انقطاع الاتصالات، مؤكدًا أنه عندما انقطع الاتصال بين عاملى المزلقان ومراقب البرج كان القطار قد تحرك فى طريقه من القاهرة إلى الفيوم، وأن الاتصالات انقطعت بعد الكيلو 12 السابق لمزلقان 25 دهشور، الذى شهد الحادث، وكان عاملا المزلقان بالفعل تلقيا الإخطار بتحرك قطار البضائع.
وفجرت أقوال المهندس مؤمن ممدوح، الخبير الهندسى بالهيئة القومية للسكك الحديدية، مفاجأة من العيار الثقيل، دعت فريق النيابة إلى ضرورة مطابقة ما جاء بأقواله بأرض الواقع، حيث أكد أنه وقت تصادم القطار بالسيارتين النقل والمينى باص، كان يسير على سرعة 64 كيلو/ساعة، وهى سرعة زائدة ومفرطة عند هذا المزلقان بالتحديد ولأى قطار يحمل بضائع، ومن المقرر أن تكشف نتائج التحقيقات مدى مسؤولية سائق القطار ومساعده اللذين تم إخلاء سبيلهما على ذمة القضية بدون كفالة مالية فى قتل 27 مواطنًا والشروع فى قتل 36 آخرين، إثر إصاباتهم بجروح وكدمات وسحجات متفرقة بأنحاء الجسد، كما أن جثث الضحايا كانت أشلاء مقطعة واختفت معالهما تماما، لدرجة أن أهالى المتوفين تعرفوا عليهم بعد يوم على الوفاة وإجراء تحاليل الـD.N.A.
وأثبتت تحقيقات النيابة أنه كان من الصعب على سائق القطار تفادى الحادث، وأوضح الخبير الهندسى أن جهاز A.T.C، الخاص بقياس سرعة القطار كان معطلاً وقت الحادث، ومع ذلك لا يمكن تحديد السرعة التى كان يسير عليها قطار البضائع سوى من خلال جهاز يسمى «الكمبيوتر» بداخل الجرار، وعندما تم تفريغ بياناته بمعرفة «الخبير» أمام النيابة، تبين أنه كان يسير بسرعة تجاوزت الـ60 كيلو/ساعة، بينما السرعة المقررة هى 50 كيلو/ ساعة، فأمرت النيابة بالتحفظ على تلك البيانات، وطلبت مطابقتها على أرض الواقع بمكان الحادث.
وفى تمام الساعة الحادية عشرة من مساء السبت، وصل فريق النيابة، برئاسة أسامة حنفى، رئيس نيابة حوادث جنوب الجيزة، إلى موقع الحادث، وأمرت النيابة بقدوم القطار، حيث تبين أنه متحفظ عليه بإحدى ورش تصليح القطارات ببولاق الدكرور، وبعد قرابة نصف الساعة أثبتت النيابة أن القطار قد تأخر عند موعد وصوله المحدد سلفًا نتيجة عطل فنى تسبب فيه سائق القطار عند قدومه من طريق المرازيق- البدرشين وصولا إلى الكيلو 12 لانطلاقه إلى مزلقان دهشور، الذى تجرى عليه محاكات النيابة لبيان مدى إمكانية تفادى السائق الحادث من عدمه، خاصة أنه أفاد فى أقواله بأن المزلقان منحدر، وبأن حمولة القطار كانت ضخمة وتمنعه من التوقف فجأة، وأن فرامل القطار تعمل آليا وليس يدوياً.
ووصل العميد محمد عبدالآخر، مأمور قسم محطة الجيزة، والعقيد علاء عوض الله، رئيس مباحث محطة الجيزة، فى تمام الساعة الحادية عشرة مساء، لتأمين فريق النيابة عند إجراء المحاكاة التصويرية للحادث، ومعاينة الإشارات والمزلقان وموقع الحادث، ودفعت الإدارة العامة للمرور بعدد من رجال المرور لسحب الكثافات المرورية أثناء قطع الطريق وقت المعاينة وتحويل الطرق.
وفى تمام الساعة الحادية عشرة والثلث تعطل القطار على مزلقان المرازيق وتأخر وصوله لمدة ساعة تقريبًا، وحدثت مشادة كلامية بين فريق النيابة وبعض الفنيين بالهيئة العامة للسكك الحديدية بسبب تشغيل سائق القطار لجهاز A.T.C، ما يجعل الجهاز يحمّل بيانات خاصة بسرعة وتحرك قطار البضائع، رغم أنه من المقرر أن يتم تشغيله عند الكيلو 12 للوصول إلى نقطة 25 الخاصة بمزلقان دهشور، لقياس السرعة التى كان ينطلق عليها القطار وقت الحادث.
وعاينت النيابة فى تلك الأثناء غرفة عاملى المزلقان، الشاذلى ياسين، وياسر عبدالجليل، اللذين جاءت بهما المباحث العامة مقيدى الأيدى، لسماع أقوالهما، وكانت النيابة قد أمرت بتجديد حبسهما 15 يوما على ذمة التحقيقات، لاتهامهما بالقتل الخطأ والشروع فيه والإهمال والإضرار بالمال العام، حيث أصرا فى أقوالهما أمام النيابة، على أنهما كانا يتناولان وجبة العشاء، وفوجئا بالحادث واصطدام القطار بسيارة النقل، والمينى باص الذى كان يقل الضحايا القادمين من حفل زفاف بمدينة نصر ومتجهين إلى الفيوم، وأكدا أن المسؤولية تقع على عاتق مراقب البرج الذى يسبقهما عند الكيلو 12.
وأثبتت معاينة النيابة أن غرفة عاملى المزلقان مساحتها عبارة عن 3X3 أمتار، وعلى اليمين منها يوجد سرير حديد فى مواجهته آخر، وبالحائط يمين الداخل وجد جهاز الاتصال اللاسلكى وبعض مستلزمات المعيشة، وتبين أن صوت اللاسلكى لا يُسمع إلا من داخل الغرفة، وصوت الإشارات الصوتية مسموع للمتواجدين بداخل الغرفة، كما أنه وجد جهاز خارج غرفة المزلقان عجز الفنيون عن تحديد دوره ووظيفته.
ووجهت النيابة سؤالا لخبراء السكك الحديدية، ومن بينهم هانى فاضل، مدير عام الصيانة، عن سبب تواجد جهاز الاتصال اللاسلكى بداخل الغرفة، فأكدوا أن السبب يرجع إلى الخوف من إصابته بعطل فنى فى حالة تساقط الأمطار فوقه، فسألتهم النيابة بأنه من الممكن ألا يسمع عاملا المزلقان صوت الإشارات أثناء وجودهما بداخل الغرفة، فأكدوا أن صوت الإشارات مسموع وعالٍ، وذكر عاملا المزلقان، فى أقوالهما أمام النيابة، أن أحدهما يكون خارج الغرفة والآخر بداخلها، مشددين على أن ظروف عملهما صعبة للغاية، حيث يقضى كل عامل فترة أسبوع بداخل الغرفة دون وجود ظروف آدمية للمعيشة.
وانتقلت النيابة لمعاينة الإشارات، وتبين أن هناك 3 إشارات: الأولى صوتية أمام غرفة المزلقان، والثانية فى الوسط ضوئية، والثالثة ضوئية- صوتية، وأن هناك غرفة للطاقة الشمسية التى تقوم بتشغيل الاتصالات اللاسلكية والمزلقان، حيث وجدت فى حالة جيدة وتعمل بكفاءة وكانت معطلة عند قدوم القطار وقت الحادث.
وعاينت النيابة المسافة بين الإشارة الضوئية التى تتوسط الطريق وحتى غرفة عامل الكارتة الذى شهد على الواقعة أمام النيابة، وأقر بأن سائق السيارة النقل، القادم من طريق القاهرة- الفيوم أسرع لتفادى قدوم القطار ظنًا منه أنه سيعبر فى ثوانٍ معدودة، ما أدى إلى تصادمه بالقطار، وتقدم سائق الأتوبيس، القادم من طريق الفيوم- القاهرة، فصدمه القطار من المنتصف، 44 مترًا.
وبينما كانت عقارب الساعة تشير إلى الوحدة صباحًا، استقل أحمد حلمى، ومحمد بكرى، وكيلا النيابة القطار، لإجراء المحاكاة التصويرية وتحرك القطار مرتين من الكيلو 12 إلى مزلقان 25 دهشور على طريق الفيوم الصحراوى، وسجلت النيابة «رأينا بزوغ ضوء القطار وتنامى إلى سماعنا أصوات أجراس القطار على بعد 2.5 كيلو، وكانت المفاجأة أن سرعة القطار طابقت أقوال الخبير الهندسى بهيئة السكك الحديدية، وأن سرعة القطار عند قدومه وقت الحادث تقدر بـ64 كيلو/ ساعة، وعند قدومه انتفض جميع المتواجدين على الأرصفة من رجال المعمل الجنائى والمباحث العامة نتيجة السرعة المفرطة التى كان يسير عليها القطار، وتبين أن سائقى السيارات كانوا يظنون عند بزوغ ضوء القطار أنه يسير ببطء شديد فكانت الحادثة».
وأكدت محاكاة النيابة التصويرية أنه منذ دق جرس الإنذار والإشارات من عند الكيلو 12، استغرق وصول القطار إلى مزلقان دهشور 3 دقائق و3 ثوانٍ بالضبط، وأن الإشارات ظلت تعمل بكفاءة حتى بعد مرور القطار، وثبت أن قراءة «السنافور» قدرت بـ15 كيلو/ ساعة، وهو الرقم الذى يظهر عند توقف القطار تماما، وبينما كان القطار يسير كان يعطى نفس السرعة.
هذا المحتوى من «المصري اليوم».. اضغط هنا لقراءة الموضوع الأصلي والتعليق عليه.
المصدر المصرى اليوم اخبار مصر
0 التعليقات:
إرسال تعليق